دفعت أزمة ارتفاع الأسعار وتوقيع الحكومة على الاتفاق الاجتماعي مع المركزيات النقابية، عن التساؤل عن الكيفية التي ستتعامل بها الدولة مع تمويل البرامج المسطرة في هذا الإطار، لاسيما مع ازدياد أثمنة المواد الأساسية والمحروقات بشكل متصاعد، إضافة لتعهد الحكومة بالرفع من أجور الطبقة الشغيلة.
وأكدت الحكومة ما مرة عبر عدد من أعضائها، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش، على أنها لن تلجأ لقانون مالية تعديلي من أجل إعادة ترتيب البرنامج المالي والتسييري لمختلف القطاعات بها، في ظل ما يشهده العالم من تقلبات على مستوى أسعار المواد الغذائية والنفطية وغيرها، مبرزة أنها تمتلك الآليات اللازمة لتدبير الأمر وتجاوز هذه المرحلة العصيبة.
وفي تصريح لـ “بناصا”، يرى المهدي فقير، الخبير والمحلل الاقتصادي، أن ارتفاع أسعار المقاصة سيتطلب ضبطا لتكلفة الموازنة، وهو ما ستكون الحكومة معه مدعوة للتعامل مع ارتفاع المواد الأولية، سواء أكانت غذائية او طاقية من جهة.
ورشح فقير أن الحكومة ستكون مجبرة على إضافة أكثر من 14 مليار درهم أخرى، مقارنة بالدعم الذي خصص لصندوق المقاصة العام الماضي من أجل دعم أسعار المواد الأساسية، مضيفا أن هذا الأمر إضافة للرفع من الحد الأدنى للأجور وغيره مما اتفق عليه بالحوار الاجتماعي مع ممثلي الطبقة الشغيلة لا محالة سيؤثر على ميزانية الدولة.
وعن الحلول والآليات الكفيلة بتوفير التمويل الكافي لهذه المصاريف الإضافية التي فرضتها الالتزامات وأزمة ارتفاع الأسعار، يقول المحلل الاقتصادي إن الوسيلة الأنجع لتحقيق ذلك هي رفع الحكومة من كفاءة الانفاق العام والتحصيل للديون العمومية، من خلال ترشيد النفقات حتى تترك هامشا ماليا لتمويل البرامج والدعم الموجه لمجالات معينة، ما سيمكن من تفادي تفاقم أزمة التضخم وارتفاع الأسعار بالبلاد.
وأشار فقير إلى أن الحكومة تعمل بشأن المحروقات على استمرار دعم مهنيي وسائل النقل للحفاظ على نفس التسعيرة وعدم تضرر المواطنين، إضافة لإعادتها النظر في اتفاقياتها مع المقاولات الخاصة فيما يهم الأشغال والصفقات العمومية من أجل تقييم أسعار المواد الأولية وأخذ ذلك بعين الاعتبار، حتى لا تتضرر الجهات المتعاقدة مع الدولة أو مؤسساتها في هذا الإطار.
يذكر أن يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، كشف السبت الماضي على التكلفة المادية لما تم الاتفاق عليه مع النقابات المركزية، ومن أبرزها رفع الأجر الأدنى بالنسبة لموظفي الدولة والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، والذي يستهدف 50 ألف مستفيد، والمخصص له ميزانية تقدر بـ 191 مليون درهم.
يذكر أن جولة الحوار الاجتماعي لشهر أبريل المنقضي، عرفت التوقيع على محضر اتفاق للفترة ما بين 2022 و2024؛ والتوقيع على الميثاق الوطني للحوار الاجتماعي؛ والاتفاق على مجموعة من الالتزامات منها الرفع من الحد الأدنى للأجور.
ويضم هذا الاتفاق مجموعة من الالتزامات المتبادلة منها على وجه الخصوص الرفع من الحد الأدنى للأجر بقطاعات الصناعة والتجارة والخدمات بنسبة 10% على سنتين، والتوحيد التدريجي للحد الأدنى القانوني للأجر بين قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة والقطاع الفلاحي، ورفع الأجر الأدنى بالقطاع العام إلى 3500 درهم صافية، بالإضافة إلى حذف السلم السابع بالنسبة للموظفين المنتمين لهيئتي المساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين ورفع حصيص الترقي في الدرجة من %33 إلى %36، والرفع من قيمة التعويضات العائلية للأبناء الرابع والخامس والسادس في القطاعين العام والخاص.
وتقرر أيضا تخفيض شرط الاستفادة من معاش الشيخوخة من 3.240 يوم اشتراك إلى 1320 يوما، وتمكين المؤمن له البالغ حد السن القانوني للتقاعد المتوفر على أقل من 1320 يوما من الاشتراك من استرجاع الاشتراكات الأجرية واشتراكات المشغل، بالإضافة إلى تمكين المؤمن لهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المحالين على التقاعد المتضررين من الجائحة من معاش الشيخوخة، دون احتساب الحالة التي لم يحصلوا فيها على أي أجر أو حصلوا فيها على أجر غير كامل.
تعليقات الزوار ( 0 )