حينما وصفت جين ساكين الناطقة باسم البيت الأبيض الأمريكي، هذا المساء، صور الاعتداء على مشيعي جنازة الصحفية الفلسطينية الشهيدة شيرين أبو عاقلة ب”المزعجة”، فإننا لا ينبغي أن نفهم بذلك أن هناك تعاطف ما مع الضحايا، أو استنكار ضمني لسياسة الترهيب والتقتيل والاستيطان التي تنهجها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني منذ عقود من الزمن.
فالحقيقة المرة هي أن الانحياز اللامشروط للإدارات الامريكية المتعاقبة على البيت الأبيض،و إجهاضها المستمر لأية إدانة، ولو لفظية، في مجلس الأمن الدولي لأي موقف مهما كان محتشما يدين السياسة الاسرائيلية، كما أن دعمها عسكريا واقتصاديا، هو ما جعل الحكومة الاسرائيلية تنتهك كل المواثيق الدولية وتنتهج سياسة القوة وتجهض كل المساعي الداعية لسلام الشجعان، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة فوق الأراضي المحتلة سنة 1967، وتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي رقم 242، أو قرار الأمم المتحدة الصادر في نوفمبر من سنة 1947 والذي يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين: عربية ويهودية.
ما أزعج الإدارة الأمريكية هو أن إسرائيل المنتشية بقوتها العسكرية وبالدعم الأمريكي لم تعد تبالي بارتكاب اعتداءاتها على مواطنين فلسطينيين عزل،أمام أنظار العالم، يعبرون عن ألمهم العميق، ويحملون نعش سيدة فلسطينية، اغتيلت بدم بارد من طرف الجيش الإسرائيلي، كان ذنبها الوحيد تكريس حياتها لتوثيق نضالات شعبها ومعاناته بالصوت والصورة.ولربما ما أزعج الإدارة الأمريكية أكثر هو إدراكها العميق بكوننا نعيش عصر الصورة التي تؤثر في وجدان مئات الملايين الأمريكيين وملايير البشر فوق الكرة الأرضية من مختلف الأعراق والديانات والمعتقدات واللغات الذين بكل تأكيد صدموا من تلك الصور “المزعجة” والتي تساءل في نفس الآن الضمير الإنساني و تشجب هذا الانحياز اللاأخلاقي للطرف المعتدي.
ما هو أكيد أن شيرين أبو عاقلة وإن كانت قد خسرت حياتها، وهي في ذروة عطاءها المهني، فإنها بالتأكيد قد ربحت معركة الصورة إذ استشهدت وهي حاملة لكاميرتها، وجمعت في جنازتها كل أطياف الشعب الفلسطيني الدينية والسياسية، وجعلت منها أيقونة خالدة للإعلام الملتزم وصاحب رسالة تتخطى المسافات والأزمان.
تعليقات الزوار ( 0 )